من دمشق.. إلى حلب معزوفة على قيثارة التاريخ
دمشق هذا العام هي عاصمة الثقافة العربية .. ومن أجدر منها بهذه الصفة فكل شبر فيها هو صفحة من التاريخ تروي قصص الماضي بأمجاده التليدة وانتكاساته المحزنة. من دمشق حَكَم خلفاء بني أمية الدنيا ووطنوا للعرب وللإسلام ملكا صانوه بالسيف ودنانير عبدالملك وفقدوه بالعصبية وتصدع بيت مروان. وفي دمشق عربت الدواوين وسُكَّت الدنانير ووحدت قراءة القرآن وبني للمسلمين جامع عجزت عن وصفه الأقلام، وفي دمشق أيضا يرقد صلاح الدين. وهي في هذا العام تفتح قلبها للعديد من الاحتفالات الثقافية تتفاعل فيها بقية اشكال الثقافة العربية. وتزور العربي دمشق قي هذا العام وهي تحتفل بعيدها الخمسين الذي كرسته لزيارة المدن التي قامت بزيارتها منذ نصف قرن من الزمن. ولا يوازي دمشق في عراقتها إلا مدينة حلب فمنها صد أمراء بني حمدان أخطار الروم التي عجز عنها خلفاء بني العباس، وفي حلب شع نور الأمل باسترداد بيت المقدس وقطف عماد الدين أولى الثمرات، إمارة الرها. ومن دمشق خرجنا من التاريخ لنعود له وبينهما تذوقنا الهريسة النبكية واغتسلنا في العاصي قرب نواعير حماة وصلينا عند قبر أسد بني أمية عمر بن عبدالعزيز. هذه رحلة في التاريخ ذي النهايات المفتوحة، ورحلة في الهوية التي تقلبت عليها صروف الزمان وبقيت هي على حالها، عروبة منفتحة وإسلاما يقبل بالآخر.
هذه زياتي الأولى للشام وهذا اعتراف أتمنى أن يغفر لي ضميري ما حرمت نفسي منه وقتا طويلا، فكيف لعاشق للتاريخ أن يهمل التاريخ نفسه ويكتفي بقراءة القرطاس ومشاهدة الزجاجة المشعة؟ أكرر اعتذاري يا شام فلاعذر لي.
استقبلتني عمائر عتيقة ترتدي أكاليل من صحون التقاط القنوات الفضائية، إعلانات عريضة لعلامات تجارية وسيارات فارهة تعلن أن الزمان غير الزمان والانفتاح هو الطريق الجديد لاقتصاد سورية. باعة الوجبات السريعة يتموقعون في النقاط الحساسة عند مداخل الشوارع الرئيسية وعند التقاطعات النشطة.
بدا واضحا التحول الاجتماعي نحو المدنية والحداثة - اللباس نموذجا - فالصراع الأبدي المستديم بين الأجيال ساحته هو الكون كله، وأمامي جيل لايزال متشبثا بالملابس التقليدية وآخر لا يعلم أين يتوقف، والنساء خير جنود في هذا الصراع، وكثيرا ما يتصادف مرور سيدتين إحداهما تلبس الجينز الضيق والقميص والثانية ترتدي جاكيتا طويلا فوق ثوب أسود فضفاض يعتليه حجاب أبيض.
و«العجأة» في دمشق لها ما يبررها، فسكانها بلغوا في آخر الإحصاءات 4.5 مليون نسمة، والطريف أنني حصلت بالصدفة في جولة على بعض المكتبات القريبة من مقهى المثقفين «هافانا»، على تعداد لسكان دمشق عام 1949م وهذا الإحصاء عبارة عن دليل قديم لمدينة دمشق عمره شارف على الستين عاما، به إحصاء لسكان دمشق إذ وصلوا آنذاك إلى «135289» نسمة فقط.
وقبل أن نستريح أنا وزميلي المصور كان أمامنا، وجهة لا بد منها وهي وزارة الإعلام السورية، لوضع اللمسات الأخيرة على برنامجنا الحافل وتأكيد مواعيد زياراتنا للمتاحف والمواقع الأثرية، والأهم تصريح التصوير الرسمي، فدمشق ليست سوى المرحلة الاولى وأمامنا الكثير في حلب وما بينهما، وقد حظيت «العربي» بمكانة خاصة لدى مسئولي الوزارة وعلى رأسهم وزير الاعلام ومعاونه ومسئولو الإعلام الخارجي وهو ما مكننا من استغلال وقتنا بالصورة المثلى.
داخل أسوار دمشق القديمة
هو بالذات لم يختلف عما رأيته بالصور ما عدا الأرضية التي شملتها أعمال الترميم ولتزهو بحلتها الجديدة ذلك هو سوق الحميدية. وعلى مقربة منه عند تقاطع شارع النصر مع السنجقدار، نزلنا من السيارة ويفصلنا عن الحميدية شارع مزدحم ومسور عند الأرصفة، هبطنا من سلم كهربائي وعبرنا إلى نفق يفضي إلى الجهة الأخرى وصعدنا سلما آخر لنجد أنفسنا أمام سوق الحميدية، في هذه الأثناء كان من حولنا وأمامنا وخلفنا وفود من السياح الإيرانيين لهم حكاية سأذكرها ضمن جولة الجامع الأموي الكبير.
من المهم الإشارة إلى أن طبيعة الحركة داخل أسوار دمشق القديمة وأحيائها لا تكون إلا سيرا على الأقدام فهذه المنطقة الأثرية لها طبيعتها الخاصة التي تستوجب التوقف عند كل ركن والتمعن في تفاصيلها مثل قلعة دمشق والجامع الأموي الكبير. كما أن أبوابها السبعة وهي: الباب الشرقي، وتوما، والجابية، وكيسان والجينيق، والباب الصغير، وأخيرا باب الفراديس لكل منها حكاياته الخاصة.
الحركة في الحميدية كانت بنصف نشاطها المعتاد لأننا عدنا للمكان نفسه بعد ساعتين فوجدناه مملوءًا عن آخره، وهو مسقوف بغطاء معدني مملوء بالثقوب يبلغ طوله 600 متر وارتفاعه 8 أمتار، بناه السلطان عبد الحميد الأول 1780م واشتق اسم السوق من اسمه.
في أيام الصيف اعتاد مرتادو سوق الحميدية بعد الانتهاء من صلاة الظهر في الجامع الأموي، على أعجوبة زمانها وهي تناول بوظة بكداش الشهيرة المطرزة بكومة من الفستق الحلبي، ويقع محل بكداش في وسط سوق الحميدية، وجاء حمدي بكداش سنة 1898م من استانبول ومعه سر صناعة «الداندرما أوالضانضدرما» وتعني البوظة باللغة التركية، والى أن وصلت أجهزة التبريد كان حمدي بكداش يحضر الثلج من جبل قاسيون ويخبئه في براميل خشبية يضع عليها الملح الصخري، ويخرج يوميا كميات محددة من الثلج ويحملها على ظهور الدواب ليستطيع مواصلة عمله خلال أشهر الصيف.
عندما بني مسجد الجامع الأموي تحدث الخليفة الوليد بن عبد الملك إلى أهل دمشق قائلا: «تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت أن يكون مسجدكم الخامسة».
وطوال عشر سنوات هي مدة بناء المسجد استقدم أمهر المعماريين والبنائين ليخلدوا للعالم تحفة للإسلام والمسلمين، في صحن الجامع وهو مكان فسيح تنشرح فيه القلوب، وتتجلى جماليات المعمار بمقاييس ذلك الزمان، فهندسة الجامع غير مسبوقة معماريا لدى المسلمين نظرا للاقتباسات البيزنطية والأعمدة الكورنثية والفسيفساء، إلا أنه أصبح أمثولة للكثير من المساجد التي بنيت بعده، ويضم مسجد الجامع الأموي ثلاث مآذن شيدت على مراحل مختلفة وهي مئذنة العروس (الشمالية) من العهد الأموي ومئذنة عيسى (الشرقية) وهي الأعلى ومئذنة قايتباي (الغربية) وهي مثمنة الأضلاع.
هل تذكرون السياح الإيرانيين الذين صادفناهم ونحن في طريقنا، كانوا يقصدون مقام رأس سيدنا الحسين الذي خصص له مزار في أحد أقسام المسجد الأموي، وهناك تفجرت أمامي ينابيع الحزن والتفجع على مقتل سبط رسول الله.
حول مسجد الجامع الأموي أُجريت ترميمات كثيرة على الأبنية المحيطة به، روعي فيها الاحتفاظ بطابع المدينة القديم، والمحلات المجددة والمنمقة تبيع القباقب واللوحات التي تصور أجزاء دمشق القديمة، أخذنا «لفة» كاملة في ممر ضيق يفصل بين جدران الجامع عن المحلات المحيطة به، ارتحنا قليلا في مقهى النوفرة، ثم مررنا على ثلاث مدارس هي الجقمقية والظاهرية والعادلية. وواصلنا الطريق نحو ضريح من جعل الزمان صعبا على الذين جاءوا من بعده، إلى ضريح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، في مكان ضيق جدا وجدت قبرين للسلطان: واحدا له، والثاني مجسم فارغ هدية من إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني قدمه سنة 1898م.
الغروب فوق قاسيون
حدثوني عن سحر مشهد الغروب في دمشق من على جبل قاسيون المطل على المدينة من الشمال الغربي، هناك مطاعم واستراحات لا عدد لها بعضها مرخص والآخر مؤقت وكل يجد رزقه فالناس لاتنقطع عن زيارة الجبل الأشم. وكلما مال قرص الشمس نحو مخبئه الأزلي زاد الناس وجماعات الأصدقاء وزرافات الأحبة، تزداد التماعات أحجار الفحم المشتعلة على قمم النارجيلة الدمشقية.
تموقعنا فوق قاسيون أعطانا صورة كاملة لدمشق والغوطة، من بعيد تبدى لنا مسجد الجامع الأموي محاطا بالعمران من جميع الاتجاهات وبعد ان أرخى الليل سدوله تفتح الجامع بأنواره كأنه وردة المساء.
وذكر ابن جبير: «بجبل قاسيون لجهة الغرب مغارة تعرف بمغارة الدم، لأن فوقها في الجبل دم قابيل قتيل أخيه هابيل ابني آدم، وفي أعلى الجبل منسوب لآدم، وعليه بناء وهو موضع مبارك. وتحته في حضيض الجبل مغارة تعرف بمغارة الجوع، ذكر أن سبعين نبيا ماتوا فيها جوعا».
المتحف الوطني ومكتبة الأسد
يقع المتحف الوطني عند مدخل دمشق الغربي بين جامعة دمشق والتكية السليمانية، وقد أنشئ مبناه الحالي في عام 1936م. وأضيفت اليه أجنحة في الفترة ما بين 1956 و1975. واجهة المتحف كانت أول شيء أدهشنا، فقد نقلت من قصر الحير في بادية تدمر وأعيد بناؤها لتكون واجهة المتحف، وهذا القصر يعود للخليفة الأموي هشام بن عبدالملك.
ويعج المتحف بالآثار السورية عبر التاريخ، الكلاسيكية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. ومنذ عام 1919م بدأ العمل بتجميع أنوية المتحف الوطني داخل المدرسة العادلية. ونقل أقدم كنيس يهودي في «دورا اوروبوس» وأعيد بناؤه في جناح خاص وقد تمكنا من الاطلاع عليه إلا أن التصوير لم يكن مسموحا به هناك.
في ركن العالم الإسلامي وجدت ضريحا من الخشب النفيس المحفور بكتابات قرآنية من الخط الثلث والخط الكوفي المعقد، كتب عليه « أمر بصنعه الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي سنة 664هـ إحياء لذكرى البطل الفاتح خالد بن الوليد وذلك بمناسبة انتصار المسلمين على المملكة الأرمنية في كيليكيا وفتحهم مدينة سيس (سيسية)»، وعُرِفت هذه المعلومات من اللوحات المكتوبة التي وجدت مع الضريح في مدفن خالد بن الوليد بحمص.
وتحولت مكتبة الأسد منذ عام 1987م إلى بؤرة جمعت فيها المخطوطات النادرة المحفوظة من جميع أرجاء القطر، كالمكتبة الظاهرية في دمشق والمكتبات الوقفية في حلب، لضمان سلامتها من التلف والاهتراء، ومكتبة الأسد تتوافر فيها الضمانات كدرجات الحرارة المثالية والرطوبة الثابتة، وأكثر ما لفت نظرنا خلال زيارة مكتبة الأسد هو القسم المختص بترميم المخطوطات، حيث تحضر المخطوطة في حالة يرثى لها ويتم تدعيمها وتقويتها بمواد حافظة ثم تجمع من جديد وتغلف بغلاف مقوى. كما بذل جهد في تصوير المخطوطات بدلا من تقديم المخطوطة الأصلية للباحثين.
بصرى
تقع بصرى، في سهل النقرة وتبعد عن دمشق مسافة 140 كم على الحدود السورية - الأردنية وهي تعني الحصن باللغة السامية، وكانت مدينة تجارية للأنباط العرب وعاصمة للمقاطعة العربية إبان الحكم الروماني، وظلت بصرى محتفظة بأهميتها كموقع عسكري خلال حقب تاريخية متعاقبة، وتشهد بعض الآثار الموجودة هناك على ذلك، وألحقت بصرى بالإمبراطورية الرومانية بعد 106م وشكلت مع حوران والجولان وشرق الأردن ما سمي بالولاية العربية، وبعد أن فتح العرب بصرى قاموا بسد جميع أبواب المسرح الروماني ليجعلوا منه حصنا منيعا وخلال العصر الفاطمي بنيت ثلاثة أبراج ملاصقة لجدار المسرح الخارجي، وخلال فترة الحروب الصليبية أعيد بناء قلعة بصرى.
ومن أهم آثار بصرى من حيث الحجم والمتانة المسرح الروماني، وهو يعد المسرح الوحيد في العالم الذي ظل على الهيئة التي بني عليها وقد نحت المدرج من الحجر البازلتي ويتسع لعشرة آلاف متفرج، ويبلغ عرض منصة التمثيل 45.5م بعمق 8 أمتار، ومن ضمن آثار بصرى المعبد النبطي والقصر ومعبد حوريات الماء والكاتدرائية والجامع العمري وهو أول مسجد بني في سورية عند الفتح وعرف بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
خارج القلعة حاصرنا أطفال ظرفاء ألحوا علينا بشراء قطع معدنية أثرية نادرة - كما يدعون - بأسعار مغرية، وبعد أن يئسوا انصرفوا بهدوء إلى زوار آخرين.
معلولا وصدنايا
تربض بلدة معلولا على سفوح جبال القلمون وتبعد عن دمشق مسافة تقدر بـ 57 كم شمالا على ارتفاع 1600م عن سطح البحر، ولا تكاد ترى إلا لمن يقصدها، هادئة ساكنة إلا من حركة بسيطة لسكانها. وقد فرض الطابع المدرجي على معلولا مشقة في الحركة لكثرة الممرات الضيقة والمتعرجة، ويتحدث أهل معلولا لغة خاصة تسمى المعلولية وكانت منتشرة قبل الفتح الإسلامي الذي ساهم في انتشار اللغة العربية وانحسار اللغة المعلولية إلا من ثلاث مناطق: معلولا وجبعدين وبخعه.
وتمتاز معلولا بكثرة الكنائس والأديرة أهمها دير القديسة تقلا اسطورة هروب الابنة المسيحية من جيش أبيها الوثني، وكيف تدخلت العناية الإلهية لتنقذها لتشق لها ممرا في الجدار الضيق لتلجأ إلى مغارة يرشح منها الماء وسكنت فيها الى ان ماتت هناك وسمي الفج تكريما لها فج مار تقلا.
وخلفنا معلولا متجهين إلى دير صدنايا الذي توجد به أيقونة السيدة العذراء كما توجد به أيقونات فنية للسيدة العذراء يرجع تاريخها للقرنين الخامس والسادس بعد الميلاد.
طريق مشحون
مع زقزقة عصافير الصباح بدأت رحلتنا إلى حلب. النسمات العليلة نعجز عن تجاهلها بإغلاق نوافذ السيارة، شوارع دمشق تخلو من المارة والسيارات. الساحات والميادين بدت أكثر وضوحا وصفاء، وشيئا فشيئا اختفت دمشق وراءنا، شاحنة مرت بجانبنا كتب سائقها دعاء قليل الكلمات عظيم المعاني: «يا رب ارزقهم ضعف ما يتمنون لي».
دمشق هذا العام هي عاصمة الثقافة العربية .. ومن أجدر منها بهذه الصفة فكل شبر فيها هو صفحة من التاريخ تروي قصص الماضي بأمجاده التليدة وانتكاساته المحزنة. من دمشق حَكَم خلفاء بني أمية الدنيا ووطنوا للعرب وللإسلام ملكا صانوه بالسيف ودنانير عبدالملك وفقدوه بالعصبية وتصدع بيت مروان. وفي دمشق عربت الدواوين وسُكَّت الدنانير ووحدت قراءة القرآن وبني للمسلمين جامع عجزت عن وصفه الأقلام، وفي دمشق أيضا يرقد صلاح الدين. وهي في هذا العام تفتح قلبها للعديد من الاحتفالات الثقافية تتفاعل فيها بقية اشكال الثقافة العربية. وتزور العربي دمشق قي هذا العام وهي تحتفل بعيدها الخمسين الذي كرسته لزيارة المدن التي قامت بزيارتها منذ نصف قرن من الزمن. ولا يوازي دمشق في عراقتها إلا مدينة حلب فمنها صد أمراء بني حمدان أخطار الروم التي عجز عنها خلفاء بني العباس، وفي حلب شع نور الأمل باسترداد بيت المقدس وقطف عماد الدين أولى الثمرات، إمارة الرها. ومن دمشق خرجنا من التاريخ لنعود له وبينهما تذوقنا الهريسة النبكية واغتسلنا في العاصي قرب نواعير حماة وصلينا عند قبر أسد بني أمية عمر بن عبدالعزيز. هذه رحلة في التاريخ ذي النهايات المفتوحة، ورحلة في الهوية التي تقلبت عليها صروف الزمان وبقيت هي على حالها، عروبة منفتحة وإسلاما يقبل بالآخر.
هذه زياتي الأولى للشام وهذا اعتراف أتمنى أن يغفر لي ضميري ما حرمت نفسي منه وقتا طويلا، فكيف لعاشق للتاريخ أن يهمل التاريخ نفسه ويكتفي بقراءة القرطاس ومشاهدة الزجاجة المشعة؟ أكرر اعتذاري يا شام فلاعذر لي.
استقبلتني عمائر عتيقة ترتدي أكاليل من صحون التقاط القنوات الفضائية، إعلانات عريضة لعلامات تجارية وسيارات فارهة تعلن أن الزمان غير الزمان والانفتاح هو الطريق الجديد لاقتصاد سورية. باعة الوجبات السريعة يتموقعون في النقاط الحساسة عند مداخل الشوارع الرئيسية وعند التقاطعات النشطة.
بدا واضحا التحول الاجتماعي نحو المدنية والحداثة - اللباس نموذجا - فالصراع الأبدي المستديم بين الأجيال ساحته هو الكون كله، وأمامي جيل لايزال متشبثا بالملابس التقليدية وآخر لا يعلم أين يتوقف، والنساء خير جنود في هذا الصراع، وكثيرا ما يتصادف مرور سيدتين إحداهما تلبس الجينز الضيق والقميص والثانية ترتدي جاكيتا طويلا فوق ثوب أسود فضفاض يعتليه حجاب أبيض.
و«العجأة» في دمشق لها ما يبررها، فسكانها بلغوا في آخر الإحصاءات 4.5 مليون نسمة، والطريف أنني حصلت بالصدفة في جولة على بعض المكتبات القريبة من مقهى المثقفين «هافانا»، على تعداد لسكان دمشق عام 1949م وهذا الإحصاء عبارة عن دليل قديم لمدينة دمشق عمره شارف على الستين عاما، به إحصاء لسكان دمشق إذ وصلوا آنذاك إلى «135289» نسمة فقط.
وقبل أن نستريح أنا وزميلي المصور كان أمامنا، وجهة لا بد منها وهي وزارة الإعلام السورية، لوضع اللمسات الأخيرة على برنامجنا الحافل وتأكيد مواعيد زياراتنا للمتاحف والمواقع الأثرية، والأهم تصريح التصوير الرسمي، فدمشق ليست سوى المرحلة الاولى وأمامنا الكثير في حلب وما بينهما، وقد حظيت «العربي» بمكانة خاصة لدى مسئولي الوزارة وعلى رأسهم وزير الاعلام ومعاونه ومسئولو الإعلام الخارجي وهو ما مكننا من استغلال وقتنا بالصورة المثلى.
داخل أسوار دمشق القديمة
هو بالذات لم يختلف عما رأيته بالصور ما عدا الأرضية التي شملتها أعمال الترميم ولتزهو بحلتها الجديدة ذلك هو سوق الحميدية. وعلى مقربة منه عند تقاطع شارع النصر مع السنجقدار، نزلنا من السيارة ويفصلنا عن الحميدية شارع مزدحم ومسور عند الأرصفة، هبطنا من سلم كهربائي وعبرنا إلى نفق يفضي إلى الجهة الأخرى وصعدنا سلما آخر لنجد أنفسنا أمام سوق الحميدية، في هذه الأثناء كان من حولنا وأمامنا وخلفنا وفود من السياح الإيرانيين لهم حكاية سأذكرها ضمن جولة الجامع الأموي الكبير.
من المهم الإشارة إلى أن طبيعة الحركة داخل أسوار دمشق القديمة وأحيائها لا تكون إلا سيرا على الأقدام فهذه المنطقة الأثرية لها طبيعتها الخاصة التي تستوجب التوقف عند كل ركن والتمعن في تفاصيلها مثل قلعة دمشق والجامع الأموي الكبير. كما أن أبوابها السبعة وهي: الباب الشرقي، وتوما، والجابية، وكيسان والجينيق، والباب الصغير، وأخيرا باب الفراديس لكل منها حكاياته الخاصة.
الحركة في الحميدية كانت بنصف نشاطها المعتاد لأننا عدنا للمكان نفسه بعد ساعتين فوجدناه مملوءًا عن آخره، وهو مسقوف بغطاء معدني مملوء بالثقوب يبلغ طوله 600 متر وارتفاعه 8 أمتار، بناه السلطان عبد الحميد الأول 1780م واشتق اسم السوق من اسمه.
في أيام الصيف اعتاد مرتادو سوق الحميدية بعد الانتهاء من صلاة الظهر في الجامع الأموي، على أعجوبة زمانها وهي تناول بوظة بكداش الشهيرة المطرزة بكومة من الفستق الحلبي، ويقع محل بكداش في وسط سوق الحميدية، وجاء حمدي بكداش سنة 1898م من استانبول ومعه سر صناعة «الداندرما أوالضانضدرما» وتعني البوظة باللغة التركية، والى أن وصلت أجهزة التبريد كان حمدي بكداش يحضر الثلج من جبل قاسيون ويخبئه في براميل خشبية يضع عليها الملح الصخري، ويخرج يوميا كميات محددة من الثلج ويحملها على ظهور الدواب ليستطيع مواصلة عمله خلال أشهر الصيف.
عندما بني مسجد الجامع الأموي تحدث الخليفة الوليد بن عبد الملك إلى أهل دمشق قائلا: «تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت أن يكون مسجدكم الخامسة».
وطوال عشر سنوات هي مدة بناء المسجد استقدم أمهر المعماريين والبنائين ليخلدوا للعالم تحفة للإسلام والمسلمين، في صحن الجامع وهو مكان فسيح تنشرح فيه القلوب، وتتجلى جماليات المعمار بمقاييس ذلك الزمان، فهندسة الجامع غير مسبوقة معماريا لدى المسلمين نظرا للاقتباسات البيزنطية والأعمدة الكورنثية والفسيفساء، إلا أنه أصبح أمثولة للكثير من المساجد التي بنيت بعده، ويضم مسجد الجامع الأموي ثلاث مآذن شيدت على مراحل مختلفة وهي مئذنة العروس (الشمالية) من العهد الأموي ومئذنة عيسى (الشرقية) وهي الأعلى ومئذنة قايتباي (الغربية) وهي مثمنة الأضلاع.
هل تذكرون السياح الإيرانيين الذين صادفناهم ونحن في طريقنا، كانوا يقصدون مقام رأس سيدنا الحسين الذي خصص له مزار في أحد أقسام المسجد الأموي، وهناك تفجرت أمامي ينابيع الحزن والتفجع على مقتل سبط رسول الله.
حول مسجد الجامع الأموي أُجريت ترميمات كثيرة على الأبنية المحيطة به، روعي فيها الاحتفاظ بطابع المدينة القديم، والمحلات المجددة والمنمقة تبيع القباقب واللوحات التي تصور أجزاء دمشق القديمة، أخذنا «لفة» كاملة في ممر ضيق يفصل بين جدران الجامع عن المحلات المحيطة به، ارتحنا قليلا في مقهى النوفرة، ثم مررنا على ثلاث مدارس هي الجقمقية والظاهرية والعادلية. وواصلنا الطريق نحو ضريح من جعل الزمان صعبا على الذين جاءوا من بعده، إلى ضريح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، في مكان ضيق جدا وجدت قبرين للسلطان: واحدا له، والثاني مجسم فارغ هدية من إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني قدمه سنة 1898م.
الغروب فوق قاسيون
حدثوني عن سحر مشهد الغروب في دمشق من على جبل قاسيون المطل على المدينة من الشمال الغربي، هناك مطاعم واستراحات لا عدد لها بعضها مرخص والآخر مؤقت وكل يجد رزقه فالناس لاتنقطع عن زيارة الجبل الأشم. وكلما مال قرص الشمس نحو مخبئه الأزلي زاد الناس وجماعات الأصدقاء وزرافات الأحبة، تزداد التماعات أحجار الفحم المشتعلة على قمم النارجيلة الدمشقية.
تموقعنا فوق قاسيون أعطانا صورة كاملة لدمشق والغوطة، من بعيد تبدى لنا مسجد الجامع الأموي محاطا بالعمران من جميع الاتجاهات وبعد ان أرخى الليل سدوله تفتح الجامع بأنواره كأنه وردة المساء.
وذكر ابن جبير: «بجبل قاسيون لجهة الغرب مغارة تعرف بمغارة الدم، لأن فوقها في الجبل دم قابيل قتيل أخيه هابيل ابني آدم، وفي أعلى الجبل منسوب لآدم، وعليه بناء وهو موضع مبارك. وتحته في حضيض الجبل مغارة تعرف بمغارة الجوع، ذكر أن سبعين نبيا ماتوا فيها جوعا».
المتحف الوطني ومكتبة الأسد
يقع المتحف الوطني عند مدخل دمشق الغربي بين جامعة دمشق والتكية السليمانية، وقد أنشئ مبناه الحالي في عام 1936م. وأضيفت اليه أجنحة في الفترة ما بين 1956 و1975. واجهة المتحف كانت أول شيء أدهشنا، فقد نقلت من قصر الحير في بادية تدمر وأعيد بناؤها لتكون واجهة المتحف، وهذا القصر يعود للخليفة الأموي هشام بن عبدالملك.
ويعج المتحف بالآثار السورية عبر التاريخ، الكلاسيكية والإغريقية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. ومنذ عام 1919م بدأ العمل بتجميع أنوية المتحف الوطني داخل المدرسة العادلية. ونقل أقدم كنيس يهودي في «دورا اوروبوس» وأعيد بناؤه في جناح خاص وقد تمكنا من الاطلاع عليه إلا أن التصوير لم يكن مسموحا به هناك.
في ركن العالم الإسلامي وجدت ضريحا من الخشب النفيس المحفور بكتابات قرآنية من الخط الثلث والخط الكوفي المعقد، كتب عليه « أمر بصنعه الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي سنة 664هـ إحياء لذكرى البطل الفاتح خالد بن الوليد وذلك بمناسبة انتصار المسلمين على المملكة الأرمنية في كيليكيا وفتحهم مدينة سيس (سيسية)»، وعُرِفت هذه المعلومات من اللوحات المكتوبة التي وجدت مع الضريح في مدفن خالد بن الوليد بحمص.
وتحولت مكتبة الأسد منذ عام 1987م إلى بؤرة جمعت فيها المخطوطات النادرة المحفوظة من جميع أرجاء القطر، كالمكتبة الظاهرية في دمشق والمكتبات الوقفية في حلب، لضمان سلامتها من التلف والاهتراء، ومكتبة الأسد تتوافر فيها الضمانات كدرجات الحرارة المثالية والرطوبة الثابتة، وأكثر ما لفت نظرنا خلال زيارة مكتبة الأسد هو القسم المختص بترميم المخطوطات، حيث تحضر المخطوطة في حالة يرثى لها ويتم تدعيمها وتقويتها بمواد حافظة ثم تجمع من جديد وتغلف بغلاف مقوى. كما بذل جهد في تصوير المخطوطات بدلا من تقديم المخطوطة الأصلية للباحثين.
بصرى
تقع بصرى، في سهل النقرة وتبعد عن دمشق مسافة 140 كم على الحدود السورية - الأردنية وهي تعني الحصن باللغة السامية، وكانت مدينة تجارية للأنباط العرب وعاصمة للمقاطعة العربية إبان الحكم الروماني، وظلت بصرى محتفظة بأهميتها كموقع عسكري خلال حقب تاريخية متعاقبة، وتشهد بعض الآثار الموجودة هناك على ذلك، وألحقت بصرى بالإمبراطورية الرومانية بعد 106م وشكلت مع حوران والجولان وشرق الأردن ما سمي بالولاية العربية، وبعد أن فتح العرب بصرى قاموا بسد جميع أبواب المسرح الروماني ليجعلوا منه حصنا منيعا وخلال العصر الفاطمي بنيت ثلاثة أبراج ملاصقة لجدار المسرح الخارجي، وخلال فترة الحروب الصليبية أعيد بناء قلعة بصرى.
ومن أهم آثار بصرى من حيث الحجم والمتانة المسرح الروماني، وهو يعد المسرح الوحيد في العالم الذي ظل على الهيئة التي بني عليها وقد نحت المدرج من الحجر البازلتي ويتسع لعشرة آلاف متفرج، ويبلغ عرض منصة التمثيل 45.5م بعمق 8 أمتار، ومن ضمن آثار بصرى المعبد النبطي والقصر ومعبد حوريات الماء والكاتدرائية والجامع العمري وهو أول مسجد بني في سورية عند الفتح وعرف بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
خارج القلعة حاصرنا أطفال ظرفاء ألحوا علينا بشراء قطع معدنية أثرية نادرة - كما يدعون - بأسعار مغرية، وبعد أن يئسوا انصرفوا بهدوء إلى زوار آخرين.
معلولا وصدنايا
تربض بلدة معلولا على سفوح جبال القلمون وتبعد عن دمشق مسافة تقدر بـ 57 كم شمالا على ارتفاع 1600م عن سطح البحر، ولا تكاد ترى إلا لمن يقصدها، هادئة ساكنة إلا من حركة بسيطة لسكانها. وقد فرض الطابع المدرجي على معلولا مشقة في الحركة لكثرة الممرات الضيقة والمتعرجة، ويتحدث أهل معلولا لغة خاصة تسمى المعلولية وكانت منتشرة قبل الفتح الإسلامي الذي ساهم في انتشار اللغة العربية وانحسار اللغة المعلولية إلا من ثلاث مناطق: معلولا وجبعدين وبخعه.
وتمتاز معلولا بكثرة الكنائس والأديرة أهمها دير القديسة تقلا اسطورة هروب الابنة المسيحية من جيش أبيها الوثني، وكيف تدخلت العناية الإلهية لتنقذها لتشق لها ممرا في الجدار الضيق لتلجأ إلى مغارة يرشح منها الماء وسكنت فيها الى ان ماتت هناك وسمي الفج تكريما لها فج مار تقلا.
وخلفنا معلولا متجهين إلى دير صدنايا الذي توجد به أيقونة السيدة العذراء كما توجد به أيقونات فنية للسيدة العذراء يرجع تاريخها للقرنين الخامس والسادس بعد الميلاد.
طريق مشحون
مع زقزقة عصافير الصباح بدأت رحلتنا إلى حلب. النسمات العليلة نعجز عن تجاهلها بإغلاق نوافذ السيارة، شوارع دمشق تخلو من المارة والسيارات. الساحات والميادين بدت أكثر وضوحا وصفاء، وشيئا فشيئا اختفت دمشق وراءنا، شاحنة مرت بجانبنا كتب سائقها دعاء قليل الكلمات عظيم المعاني: «يا رب ارزقهم ضعف ما يتمنون لي».
6/8/2023, 9:34 pm من طرف روان علي شريف
» أنا بهذه اللحظة
10/28/2021, 8:01 am من طرف جاك
» على الرصيف
6/13/2020, 5:40 pm من طرف روان علي شريف
» بوابة الجحيم
6/13/2020, 4:58 pm من طرف روان علي شريف
» الكاتب علي شريف روان في حوار لـ"الديوان"
6/28/2019, 5:05 pm من طرف روان علي شريف
» فردوس مليندا المفقود.
3/12/2019, 1:20 am من طرف روان علي شريف
» بدري فركوح
3/4/2019, 11:56 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» ليلى العفيفة
3/4/2019, 11:52 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» مجموعة مؤلفات محمد حسنين هيكل
1/27/2019, 3:42 pm من طرف نبيل اوزاعي
» ألفية العياط فى النحو
11/9/2018, 3:13 am من طرف محمود العياط
» ديوان إنشق القمر
8/14/2018, 2:05 am من طرف محمود العياط
» ديوان بومبا والاقزام
2/25/2018, 3:39 am من طرف محمود العياط
» بريد الموتى
1/23/2018, 2:35 am من طرف روان علي شريف
» ديوان دحش قرم ودانك
12/21/2017, 4:33 am من طرف محمود العياط
» ديوان حادى يابادى يا كرنب زبادى
10/14/2017, 6:21 am من طرف محمود العياط
» من عجائب الأرقام
5/24/2017, 9:36 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» ابن الرومي
5/24/2017, 9:20 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» قصيدة حبك وقلبى
8/13/2016, 11:05 pm من طرف محمود العياط
» الأعشى الأكبر
6/11/2016, 4:17 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» مساء الخير
5/2/2015, 8:40 am من طرف السراب
» مي زيادة
4/22/2015, 11:17 am من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» لبيد بن ربيعة
12/28/2014, 4:44 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» زهير بن أبي سلمى
12/20/2014, 4:32 am من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» جبران خليل جبران
12/5/2014, 2:16 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» إيايا أبو ماضي
11/5/2014, 2:09 am من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» حمل برنامح تعلم اللغة الانجليزيه على جهازك المحمول
9/11/2014, 10:04 pm من طرف poopy87
» أوبريت ملحمة تحتمس الرابع ولوحة الاحلام
7/28/2014, 9:41 am من طرف محمود العياط
» سيف الفراق
7/22/2014, 2:59 am من طرف محمود العياط
» ديوان اعشقك جدا
7/22/2014, 2:56 am من طرف محمود العياط
» ديوان الحديث مع النفس البشرية
7/22/2014, 2:54 am من طرف محمود العياط
» عمرو بن كلثوم
6/14/2014, 6:02 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» طرفة بن العبد
5/28/2014, 5:26 am من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» ديوان رصاصة فى قلب الجياد العجوزة
5/20/2014, 10:40 pm من طرف محمود العياط
» شهداء 6 أيار 1916
5/6/2014, 5:45 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» الياس قنصل
4/23/2014, 4:20 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» زكي قنصل
4/23/2014, 4:18 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» فضائية الجزيرة إحدى أسلحة قطر
4/3/2014, 6:05 pm من طرف طالب علي
» إضافة رائعة للفايرفوكس ( ميزة AutoPager ) تجعل كل المواضيع في صفحة واحدة
4/2/2014, 4:47 pm من طرف العـدوي
» محمود درويش مؤلفات ودواوين
3/20/2014, 9:56 pm من طرف wadfay
» حاتم الطائي
3/20/2014, 6:35 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» حكمة اليوم
3/2/2014, 6:03 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» امرؤ القيس
3/2/2014, 5:55 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» محتويات مكتبة الروايات
2/9/2014, 4:26 pm من طرف أريج الورد
» تقديم ديوان رصاصة فى قلب الجياد العجوزة محمود العياط
2/1/2014, 8:33 pm من طرف محمود العياط
» الحارث بن حلزة
1/21/2014, 7:36 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» مجموعة من الاغاني النادرة لكاظم الساهر تجدونها عند السراب فقط لا غير
1/19/2014, 10:02 am من طرف mas12ter
» رخصة زواج للمؤجل اداريا
1/8/2014, 9:17 am من طرف anas198510
» الف ليلة وليلة
1/8/2014, 2:01 am من طرف سعيد خليف
» عنترة العبسي
1/5/2014, 6:30 pm من طرف المهندس جورج فارس رباحية
» معجم المصطلحات النفسية انكليزي فرنسي عربي
11/24/2013, 1:33 pm من طرف محمد حمد