هل يحق للمستأجر ان يترك المأجور؟

هل يحق للمستأجر ان يترك المأجور؟


قانون الايجارات الجديد رقم 6 لعام
2001 جاء بنص جديد اعطى بموجبه الحق للمالك المؤجر في طلب اخلاء العقار المأجور اذا
تبين له ان المستأجر أخلى هذا المأجور وتركه واصبح عديم الحاجة اليه وامتنع مع ذلك
عن تسليمه للمؤجر اضراراً به ولارغامه على ان يدفع له فروغاً، فيكون قد اصبح
متعسفاً في استعمال حقه ويحكم عليه بالاخلاء وفقاً للقواعد العامة.
نصت المادة
الثامنة الفقرة/ي/ من قانون الايجارات رقم 6 لعام 2001 على مايلي:
«اذا ترك
المستأجر المأجور للسكن بلا مسوغ لمدة سنة كاملة دون انقطاع ،يدل دلالة قاطعة على
استغنائه عنه نهائياً ».
من استقراء هذا النص الجديد نراه جاء مكرساً للاجتهاد
القضائي المستقر حول استغناء المستأجر عن المأجور، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض
تحت رقم 67/638 تاريخ 28/8/1975«ان ترك المستأجر للمأجور فعلاً، يعتبر انهاء منه
لعقد الايجار وتترتب عليه التخلية وتسليم المأجور خالياً من الشواغل الى المؤجر دون
منحه اية مهلة، ولايؤثر ذلك كون المستأجر موظفاً، او قبض المؤجر منه اجوراً عن تلك
الفترة، لان المستأجر وان كان قد انهى عقد الايجار الا انه ملزم بالعقد بأداء
الاجور وتوابعها مادام لم يقم بتسليم المؤجر المأجور، ولايتحقق الترك الا بتخلي
المستأجر نهائياً عن المأجور ونقل عائلته واثاث بيته منه، اما اذا تخلى عنه مؤقتاً
لضيوفه، او تخلى عن السكن به مؤقتاً مع ابقاء بعض الاثاث به على امل العودة
لاستعماله فإن ذلك لايوجب الاخلاء مالم تتأكد المحكمة ان التخلي عن المأجور كان
نهائياً دون التفكير بالتمسك به او العودة الى استعماله وان تقدير ذلك عائد لمحكمة
الموضوع شريطة ان يكون تقديرها للدليل سائغاً ومقبولاً ، هذا ما تضمنه قرار محكمة
النقص رقم 366/933 تاريخ 27/4/1978».
فقد كان القضاء يسير وما يزال على انه اذا
اثبت ان المستأجر ترك المأجور، ولم يعد بحاجة اليه، فإنه يجوز اخلاؤه للأسباب
التالية:
1- إن الحماية التي اسبغها المشرع على المستأجر في عقد الايجار إنما
على انه الطرف الضعيف، الذي لايملك مسكناً آخر منعاً من تشرده وضياعه... وتركه
للمأجور يدل على انه لم يعد بحاجة اليه وأن الحاجة الحياتية الملحة للسكن فيه قد
انتفت، مما لم يعد مبرر لاسباغ تلك الحماية.
2- ان الملكية يجب ان تؤدي وظيفة
اجتماعية ، وتمسك شخص بمسكن دون سكناه فيه، انما هو حرمان للمجتمع من اسكان غيره
فيه.
3- ان المشرع - استثناءً وخلافاً للقواعد العامة- أجبر المالك وسلب ارادته
، ومدد عقد الايجار حكماً، وبقوة القانون ، لهدف انساني ضروري يتجلى في وجوب عدم
تشريد عائلة... اما وقد ترك المستأجر المأجور ، فقد انتفى الهدف الانساني، ويتوجب
على المالك ممارسة حقه المشروع في استعادة عقاره.
والحقيقة ان المحاكم تستنبط
عدم حاجة المستأجر للمأجور من خلال تركه له، وتستنتج من الظروف والادلة والقرائن،
انه ليس بحاجة اليه من الدلائل التالية:
1- اذا ثبت ان المستأجر ترك المأجور
وأقام خارج البلاد.
2- اذا ثبت ان المستأجر ترك المأجور وانتقل الى مدينة
اخرى.
3- اذا ثبت ان المستأجر ترك المأجور وعاد الى بلده الاصلي .
فان
احتفاظه بالمأجور- وفق ما سلف- وتمسكه بالتمديد القانوني ، لم يعد له ما يبرره، لأن
حاجته الاساسية للسكنى اصبحت مؤمنة ، ويتوجب - بالتالي - اخلاؤه لهذه الاسباب .


المستشار: رشيد موعد