التأمل يطرد خوف الفراغ

التأمل يطرد خوف الفراغ
أوشو
عزيزي القارئ .. اعتبرها نقطة أساسية أن تغلق عينيك لمدة عشرين دقيقة قبل النوم كل يوم وتدخل في فراغ ذاتك , اقبل ذلك , وستشعر بالخوف , وارتجف خوفا ولكن لا تحاول رفض هذا الفراغ الداخلي , لأنه بمدة ثلاثة أسابيع ستشعر بجمال هذا الفراغ , وستشعر بالبركة وسيختفي الخوف للأبد.
إن التأمل هو تفكيك للأنماط القديمة (للخوف الذي يدعو إلى الجنون) لقد وجدت أني أعيد ممارسة نمط حياتي الذي ورثته منذ طفولتي , كلما انبني والدي على أي شئ صدر مني , أشعر بالقهر , أشعر بالرغبة في أن أهرب أو أواسي نفسي بأني أستطيع العيش بدون بشر , أستطيع أن أعيش بمفردي , واليوم أرى أني أتصرف مع الأصدقاء بنفس الطريقة .
يجب أن تتخطى هذه العادة , حاول أن تتصرف بعكسها , عندما تشعر بالأنطواء , أفتح نفسك , إذا أردت التوقف عن الجدل , لا تتوقف وادخل في المجادلة بكل حماس ممكن.
عندما تتطلب القضية الشعور بالخوف , عند وسيلتان : الحرب أو الهرب , إن الطفل الصغير لا يمكنه الخوض في معركة , خاصة في البلاد المتخلفة , في البلاد المتطورة يحارب الطفل كثيرا ويدفع والديه إلى الهرب ! ولكن في البلاد المقيدة بالتقاليد القديمة – حيث القيم التقليدية قوية ومهمة – فإن الطفل لا يمكنه الهرب , والسبيل الوحيد أمامه هو أن ينكمش , أن يطلق نفسه بداخله ليحافظ على نفسه , وبهذا يتعلم خدعة الهرب .
والآن , الطريقة الوحيدة لتجنب الهرب هي أن تيقى في مكانك بعناد وتحارب , حاول ذلك لمدة شهر وعندها ترى النتيجة , عندما تستطيع أن تفعل عكس ما كنت تفعله سابقا فإنك تستطيع إسقاط الأثنين , وعندها يصبح الإنسان جسورا , لأن كلا الهروب والمحاربة خطأ.
لذا كن لشهر واحد محاربا شرسا وستشعر بارتياح , لأن الهروب يجعلك تشعر بالدونية , وخدعة جبانة أن تغلق على نفسك , او أن تصبح شجاعا , عندها تسقط الإثنين , فأن تكون شجاعا هو في العمق أن تكون جبانا , وعندما تقضي على عقدة الشجاعة والجبن تصبح بلا خوف , حاول ذ لك .
إذا شعرت بصعوبة في الثقة يجب أن تعود بذاكرتك إلى الماضي , يجب أن تنظف كل الإنطباعات القديمة من عقلك , من المفترض أن يكون ماضيك مملوءا بالأمور البالية , فيجب أن تتخلص منها , والمفتاح هو أن تعود بذاكرتك إلى الماضي ليس بكي تتذكر بل لكي تعيش في الماضي , اجعل الماضي حقل تأمل , كل ليلة ولمدة ساعة عد إلى الماضي , حاول أن تستعيد ما حصل في طفولتك , وإذا أمعنت بالغوص في الماضي يمكنك أن تتحسن , لأننا جميعنا نخفي أشياء كثيرة حدثت في الماضي ولا نجعلها تظهر في وعينا , إذا , دع هذه الأشياء تطفو على السطح.
يتوجب الغوص كل يوم في العمق شيئا فشيئا , في البدء تتذكر الحوادث التي حصلت عندما كنت في الرابعة أو الخامسة من العمر , ولا يمكنك أن تذهب أبعد من ذلك , وفجأة يظهر حائط الطين ولكن ثابر في غوصك , فسترى أنك تتذكر ما حصل عندما كنت في الثانية من عمرك.
بعض الناس يذكر أيامه في رحم أمه (الرحم) والبعض الآخر ذهب أبعد من ذلك إلى حياته بعد الموت .
اذا استعطت الوصول إلى هذه النقطة عندما ولدت , واستطعت عيش هذه اللحظة , ستكون هذه الحالة بغاية الألم والحرارة , ستشعر بأنك ستولد مرة ثانية , وستصرخ كما صرخت في المرة الأولى , ستشعر باختناق الطفل الذي يخرج من الرحم للمرة الأولى , لأنه للحظات لم يستطيع التنفس , سيختنق ويصرخ بعدها وسيتنفس وتبدأ رئتاه بالعمل , ويجب تكرار هذه اللحظة كل ليلة , أن تدخل الى رحم أمك وتخرج منه لمدة تسعة أشهر وفي كل يوم ستشعر بتحسن لأنك أخف من الليلة الماضية , ومع الأيام فإن الثقل سيخف وستحل مكانه الثقة تدريجيا , وعندما تستطيع رؤية الماضي بحذافيره سوف تتحرر , وهذا هو المفتاح : عندما تعي كل ما حدث لك , تتحرر منه , يتحرر الوعي واللاوعي يخلق العبودية وعندها بالأمكان الحضول على الثقة.